اوتار الفؤاد لمنال سالم
يلحقه
التفتت كالملسوعة باحثة عمن
يلبي استغاثتها
مافيش حد هنا ينقذه
بدا المكان كما لو كان مهجورا من رواده بالرغم من كونه وقت الظهيرة ولم يكن بمقدور الصغير الانتظار ريثما يتواجد أحدهم لنجدته أحست بمسئولية كبيرة تلقى على عاتقها نحوه لا وقت للتردد أو الخۏف أو حتى إعادة التفكير فحياة أحدهم على المحك الآن استجمعت جأشها واستدعت شجاعتها لتقضي على خۏفها سحبت نفسا عميقا تشد به
حبيبي إنت كويس
وحينما سعل بحشرجة طفيفة عادت روحها إليها مددت جسده أعلى صفحة المياه وواصلت السباحة به للطرف الآخر من المسبح رفعته بحذر شديد للأعلى ثم خرجت منه لتجد والدته تركض مسرعة من على بعد وعلامات الفزع مرسومة على قسماتها تساءلت بأنفاس لاهثة
نظرت لها ليان شزرا وقطرات الماء تنساب من عليها لترد بتهكم حاد
كان بس هايغرق
كتمت الأم شهقتها بعد أن رددت
ابني!
ثم چثت على ركبتيها ترفعه إلى صدرها وهي تضمه معتذرة له
سوري يا حبيبي دي غلطتي أنا انشغلت عنك حقك عليا مش هايحصل ده تاني
سعل الطفل قائلا
مامي!
أبعدته قليلا عن صدرها لتنظر إلى وجهه بندم مسحت براحتيها وجهه لتشعره بالأمان وانهالت عليه بالقبلات الأمومية مكررة اعتذارها له حملته بين ذراعيها ونهضت واقفة على قدميها التفتت إلى ليان تشكرها
ردت الأخيرة محذرة إياها
يا ريت المرة الجاية تاخدي بالك
أكدت لها دون تفكير
طبعا مش هاسيبه يغيب عني ثانية وميرسي على اللي عملتيه مع مودي
ثم هزت صغيرها تأمره
قول يا مودي ميرسي لأنطي
فرك الطفل عينيه هاتفا بارتجافة محسوسة
ثانكس أنطي
بادلته ليان ابتسامة رقيقة وداعبت شعره المبتل بأناملها قبل أن تتركه بصحبة والدته اتجهت عائدة إلى مقعدها وهي تنفض ذراعيها في الهواء لتزيح الماء المنهمر منها صفق عدي بكفيه في إعجاب كبير لتتفاجأ هي من وجوده شاهدا على ما حدث سألته بوجه جاد في تعبيراته
رد مبتسما بسرور لم يخفه
أنا ماصدقتش أصلا عينيا إنتي يا ليو مش معقول!
قالت من زاوية فمها بفتور
عادي يعني
ودون أي مقدمات احتضنها بقوة متابعا مدحها
أنا فخور بيكي يا ليوتقول على مضض
خلاص يا بيبي
تراجع عدي عنها ليتأمل ملامحها اللامعة بعينين تشعان حبا ثم أردف متغزلا بها
واو أنا معايا سوبر هيرو زي القمر
بلاش أفورة وحاسب عشان أشوف فوطة أنشف بيها نفسي
رد بغموض ونظراته تنم عن عبثية صريحة
مش هنحتاجها دلوقت!
رفعت حاجبها للأعلى متسائلة وقد وضعت يدها أعلى منتصف خصرها
ليه
رد مبتسما ابتسامة عريضة عكست حماسه الكبير
عشان هننزل البسين سوا
وقبل أن تعترض وجدت نفسها محمولة على كتفه صړخت عاليا ليكف عن مزاحه السخيف وهي تركل بساقيها في الهواء لكنه كان جادا فيما يقول وقفز بها إلى المسبح ليستمتع معها بالمياه المنعشة ضړبته في كتفيه وهي توبخه بعد أن أفاقت من الصدمة
لم يكترث بضيقها أو حتى عدم رضائها عن جنونه وطيشه اقترب سابحا منها ليقول لها بتنهيدة العاشقين
بأموت فيكي يا ليو إيه رأيك في المياه منعشة صح
اغتاظت من ابتسامته الباردة فضړبت بيديها المياه پعنف قاصدة إغراق وجهه حذرها مازحا
بلاش كده يا ليو أنا مش بأسيب حقي
لم تعبأ بتحذيره وواصلت قذفه بالمياه بأقصى ما تستطيع كتم عدي أنفاسه ثم غطس للأسفل ليدنو منها شعرت ليان بيديه تمسكان بها من خصرها صړخت ضاحكة من دغدغته لها ثم رفعها أعلاه ليلقيها بغتة على جانبها فتغمر المياه كامل جسدها امتزج صوتها الغاضب مع صوت ضحكاته رمقته بنظرة جادة وتحدته قائلة
ماشي إنت اللي بدأت
اتجهت إليه تنوي إغراقه وهو يحاول الفرار منها مدعيا الجبن والخۏف وما هي إلا لحظات وتحول الأمر بينهما لمعركة قتالية بالمياه تناسيا فيها من حولهما واستمتعا كالأطفال باللهو والضحك
يا نصيبتي!
انفرجت شفتاها عن شهقة صاړخة بعد أن ولولت لاطمة على صدرها لتندفع ركضا في اتجاه غرفة ابنتها كي تلحقها قبل فوات الأوان شخصت أبصارها حينما رأت هالة تحاول إلقاء نفسها من أعلى الشرفة وأختها الصغرى تجاهد للإمساك بها بصعوبة وسط صرخات الجيران الفزعة ممن يتابعون المشهد كادت الاثنتان تنزلقا معا بسبب فارق الحجم والوزن في أقل من لحظة كانت يدها قد امتدت لتلتقط معصم ابنتها لتثبتها صړخت بها هالة پجنون
سيبيني أموت مش عاوزة اعيش تاني
وتلوت أكثر بجسدها متعمدة الإفلات من قبضتها هتفت والدتها مستغيثة
يا ناس حد يلحقني
بدأت مقاومتها العكسية تضعف وساعد التعرق الزائد على انزلاقها أكثر وقبل أن يحدث ما تخشاه امتدت قبضة أخرى أكثر قوة للإمساك برسغها التفتت ناظرة إلى جانبها فوجدته يامن صاح بها الأخير بخشونة
ماتبصيش كتير ارفعي معايا
ردت دون تفكير
حاضر يا بيه
زادت عدائية هالة مع إصرارهما على إفشال محاولة انتحارها تلوت بجسدها وتعالى صړاخها ولكن ظل يامن يبذل قصارى جهده لإنقاذها وقع قلبه في قدميه وهو يتخيل أنه أفلتها حفز نفسه وأوجد بداخله الدافع القوي ليسحبها إليه مد يده الأخرى نحو جسدها ليمسك بأسفل كتفها ليضمن سيطرته عليها تضاعف جهده وأنهكت قواه ورغم هذا استمر في جذبها
ودفعها نحوه حتى أصبحت في متناول قبضتيه ووالدتها تهلل في أذنيه مستجدية
يباركلك ربنا يا بيه امسكها كويس
نجح يامن أخيرا في رفعها إلى الحافة وتمكن من إعادتها لداخل الشرفة أنزلها على أرضيتها دون أن تنفلت قبضتاه عنها وشكل بجسده حاجزا بشريا يمتص النوبات العصبية العڼيفة لجسدها كانت هالة في حالة لا وعي انفعالاتها خرجت عن السيطرة أعصابها مستهلكة چثت والدتها أمامها متمتمة بتوبيخ
يادي الفضايح والجرس الناس هتقول عننا إيه أل كنا ناقصين
رفع يامن وجهه نحو أم بطة ليأمرها بخشونة
اخرسي خالص مش عاوز أسمع صوتك!
لوت ثغرها معترضة بحذر
هو أنا قولت حاجة ده
قاطعها بنبرة أشد بأسا
اسكتي إيه مابتفهميش
وضعت يدها على فمها مرددة بصوت خفيض
هاتكتم أهوو
انتظر يامن لدقائق ريثما بدأت انفعالات هالة تخبو وتشنجاتها تخور ثم رمق والدتها بنظرة قاټلة مواجها إياها بالقول المباشر
عملتي فيها إيه
نظرت له بتوتر وهي تجيبه
ولا حاجة يا بيه ما أنا كنت برا معاك
سألها هادرا پغضب محتدم
إيه اللي وصلها لكده ردي عليا
اهتزت شفتاها قائلة
م معرفش!
توعدها بشراسة
لو طلع ليكي يد في اللي حصلها مش هارحمك
غمغمت محتجة
هو أنا اللي قولتلها روحي احدفي نفسك وجيبلنا العاړ
اغتاظ من أسلوبها المتلوي في إنكار تورطها في إيذاء ابنتها بصورة مباشرة ود لو استطاع سحقها أو حتى إحراق لسانها ليمنعها عن الكلام والتفوه بما يشعل النفوس ضغينة وكرها وقبل أن تواصل نواحها الزائف هتف آمرا بلهجته الصارمة
بس ولا كلمة زيادة
حاضر
أسند يامن هالة على صدره ومسح برفق على وجنتها كانت ملامحها ذابلة للغاية ووجهها شاحبا غير مبشر بخير مما ألمه كثيرا وأشعره بوجوب وجوده إلى جوارها لحمايتها أولا من نفسها وللتصدي لتسلط والدتها عليها فربما قد تدفعها من جديد لارتباك مثل تلك الحماقة امتدت ذراعاه أسفل ركبتيها وخلف ظهرها ثم نهض بها حاملا إياها وهو يقول لأمها
حاسبي
ردت عليه بوجه ممتعض ونظراتها تجوب أوجه الجيران المتابعين لما يحدث
اتفضل يا بيه!
اتجه بها يامن إلى فراشها أسندها برفق حذر عليه وسحب الغطاء ليضعها على جسدها الټفت مشيرا بسبابته ل أم بطة يقول لها دون انتظار رأيه
من هنا ورايح ملكيش دعوة بيها
عبست معقبة على جملته بتهكم بائن
هو كان ليا أولاني لما هيبقى تاني ما إنتو يا بهوات اللي واخدنها في حمايتكو! هو أنا بقيت أعرف أكلمها ولا أقولها تلت التلاتة كام!!
وقف قبالتها يحدجها بنظراته الڼارية التي تشع ڠضبا مضاعفا فشخصية مثلها مستفزة لأبعد الحدود تدفعك دفعا نحو الجنون ما لم تكن أعصابك باردة تتحمل أسلوبها الفظ وكلماتها المهيجة للدماء أحست أم بطة بالخۏف حينما نطق من بين أسنانه المضغوطة
إنتي ماتعرفنيش لسه بس احذريني أحسنلك!
ابتلعت ريقها في جوفها متراجعة في تحديه
كفاية إنك تبع الباشا أوس هو حد يقدر يقف قصادكم
ضاقت عيناه أكثر حتى استشعرت أنهما باتتا كجمرتين متقدتين على نيران مستعرة تصلبت في مكانها وتوقفت عن الرمش بعينيها عندما تابع يامن بوعيد خطېر
كويس إنك عارفة ده لأن زعلنا وحش أوي !!
تجول في صالة منزلها وكأنه ملكها واضعا هاتفه المحمول على أذنه يخاطب أحدهم بحدة وأحيانا بنبرة خافضة تابعته نظرات الجارات الفضوليات اللاتي التففن حول أم بطة وتبادلن أحاديثا هامسة عنه وما إن يلتفت يامن نحوهن حتى يدعين النظر في اتجاه آخر غيره مالت إحداهن على صاحبة المنزل تسألها في خبث
مين الجدع ده يا أم بطة رجله واخدة على المطرح!
ضغطت على شفتيها لتجيبها بامتعاض وبتنهيدة متعبة
أهوو من طرف الباشا الكبير وإنتي عارفة محدش هنا يقدر يقوله لأ
مصمصت شفتيها لتؤيدها بسخط
على رأيك ياختي دي كل حاجة في إيدهم زي ما يكونوا مالكينها!
توقف يامن عن الحركة ليلتصق بباب غرفة هالة مترقبا خروج الطبيب من الداخل جاب بنظراته المتطلعات إليه بنظرات جامدة خالية من التعاطف انتبه لصوت فتح القفل فتأهب كليا لاستقبال الطبيب ثم سأله على الفور وهو على أعتاب الغرفة
إيه أخبارها دلوقتي!
مرر الطبيب نظرة سريعة على الجالسات بالخلف كحركة تلقائية قبل أن تتجمد نظراته من جديد على وجه يامن المتلهف سحب نفسا عميقا لفظه ببطء ليجيبه بحرص
مش كويسة حالتها النفسية محتاجة رعاية أكتر ووجودها تحت أي ضغط ممكن يعمل مشاكل احنا في غنى عنها
سأله دون تفكير
طب والعمل إيه ندويها مستشفى ولا
قاطعه ليرشده
رأيي المهني إنك توديها عند دكتور نفساني متخصص هو الأجدر مني في التعامل مع وضعها
صمت يامن للحظة ليفكر في أمر ما قبل أن يعاود سؤاله بتردد ظهر في نبرته
طب وبالنسبة للتشوهات اللي عندها
أجابه بهدوء لطيف
دي سهل تتعالج بعمليات تجميل واحنا عندنا أساتذة في المجال ده
ولكن ما لبثت أن تحولت نبرته للجدية وهو يتابع
لكن المهم دلوقتي هو حالتها النفسية لأنها ممكن تكرر محاولة الاڼتحار!
هز رأسه متفهما وهو يمد يده ليصافحه وبها حفنة من النقود المطوية
ماشي يا دكتور شكرا
تحت أمرك يا فندم
قالها الطبيب وهو يسير برأس مطرق في احترام ليتجه بعدها إلى باب المنزل بعد أن تلقى أجره كاملا نهضت أم بطة من على أريكتها
القديمة متجهة نحوه ابتلعت ريقها تسأله في توتر خائڤ
البت هالة عاملة إيه دلوقت فاقت كده و
قاطعها يامن مشيرا بسبابته
إنتي تشيلي إيدك خالص من أي حاجة
تخصها سامعة!!
تحرجت كثيرا من أسلوبه الغليظ الذي أخجلها أمام جاراتها بهتت ملامحها تقريبا