الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية غير قابل للحب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 49 من 60 صفحات

موقع أيام نيوز


منها في صيغة متسائلة
أنك تعمدت قتل أحدهم
اعترفت لي في ارتباك محسوس
نعم...
وضعت يدي على فمي لأكتم شهقة غادرة فتابعت

آن الكلام
كنت مضطرة لذلك لو لم أفعل لساءت الأمور.
رفضت تصديق ما اعترفت به لتوها وهتفت أخبرها بتوتر

آن أنا أعلم أنهم يضغطون عليك لقول ما لم يحدث.
هتفت نافية بتأكيد
بل إنها الحقيقة ولولا لوكاس لكنت في قبضة الشرطة.
تفرست في تعابير وجهها أكثر وخاصة نظراتها كانت تبادلني نظرات منكسرة غارقة في الحزن مما زرع المزيد من الشكوك في نفسي حاولت تمرير مشاعري المدعمة إليها فقلت
مهما ادعيت لن أصدقك أنا أعرفك جيدا أنت لست بقاټلة.
أطلقت آن زفرة سريعة وقالت في لهجة تحولت للجدية
ريانا من فضلك حاولي ألا تفسدي زيجتك مع فيجو حياتنا منذ البداية محدد مصيرها نحن فقط من رفضنا تصديق الواقع وظننا أنه يمكننا أن نعيش بعيدا عن هذه الصراعات الدموية لكننا جزء منها.
تصاعد القلق بداخلي بعدما نطقت بهذه الكلمات الغريبة استطردت أقول في ذهول
آن أنت...
قاطعتني بإصرار
اسمعيني رجاء إن طلب أحدهم شيئا منك فلا تترددي في فعله نحن ندين لهم بالكثير.
كنت على وشك قول شيء لكنها بادرت مضيفة
يكفي أنهم تقبلوا وجودنا بينهم رغم كوننا تنتمي للخونة.
كأنني أتكلم مع شخصية أخرى أكثر عقلانية تتحدث بالمنطق وبروية عكس تلك التي نشأت وترعرعت معي على فعل كل ما هو متمرد ومعارض. دمدمت في دهشة مضاعفة
ماذا
ألجمت المفاجأة لساني وعقدته بينما استمرت آن تقول مبتسمة لتخفف من وطأة الصدمة علي
لقد أصبحت أعلم كل شيء الآن.
سرت بجسدي برعشة أقوى وأنا أقاوم تصديق ما أسمعه منها واصلت شقيقتي الصغرى إبلاغي كأنها شعرت بما يستبد بي من هواجس مربكة
لا تقلقي علي أنا بخير وأمي كذلك.
منحتني قبلة في الهواء قبل أن تختتم اتصالها المرئي معي
انتبهي لنفسك قطعة السكر وسنتحدث مجددا.
انتهى بي الحال بعد مكالمتها الصاډمة أكثر تحيرا وأكثر ذهولا. عاد إلي فيجو ليستعيد هاتفه من يدي المتيبسة سائلا في اهتمام
هل سمعت بنفسك
في اللحظة التي ظننت فيها أن كل شيء يتأرجح ما بين شك ويقين جاءت شقيقتي وهدمت ما تبقى من ثوابت لدي لقد طالتها الأيادي الآثمة فلم أعد أعرف بعد تصرفها الصواب من الخطأ ما كان صادقا وما تغلف بالزيف أحسست باڼهيار عالمي حيث أصبحت الفضائل فيه ركاما واللطافة أنقاضا حتى البراءة تدنست والوداعة تبددت. نظرت إلى فيجو بعينين شاردتين بدوت عاجزة خلالها عن الرد أو اتخاذ القرار. تأملني في صمت قبل أن يتكلم أخيرا
يمكنني أن أمنحك المزيد من الوقت للتفكير.
تملكني اليأس وقلت برأس مطأطأ في انكسار
لا داعي...
فرت من طرفي دمعة سريعة مسحتها بإصبعي قبل أن تشق طريقها على طول صدغي وأخبرته بأنفاس مضطربة
سأنفذ ما تريدون وأتخلص من هذه المرأة .!!!
يتبع الفصل التالي
كان من العبث مقاومة ما أصبح مفروضا عليك بشكل قسري خاصة مع هدم كافة الثوابت التي ظننت يوما أنها جزءا من كينونتك في لحظة تم محو ما اعتدت عليه وأصبحت قناعاتي كالأنقاض المتكومة فوق بعضها البعض لا جدوى منها مطلقا لهذا تخليت عن صمودي المزعزع وأبديت موافقتي العمياء على فعل ما يخالف القانون. القانون ترددت الكلمة في فضاءات عقلي وإحساس السخرية متملك مني منذ متى ونحن نفعل ما ألزمنا به القانون البشري نحن أبعد ما يكون عن تطبيقه بل إننا أجدنا الانحراف عن طريق الصواب وارتكاب كل ما هو مخالف. لم أنظر تجاه فيجو لكني شعرت به عبر صمته الغريب مصډوما من قبولي المريب. سألني بشكل مراوغ ليتأكد مما سمع
هل ترغبين في التدريب الآن
رفعت عيني إليه وأجبته سائلة إياه بزفير ثقيل
في هذا الوقت المتأخر
جاء رده ساخرا إلى حد ما وهذه النظرة المدققة تحتل حدقتيه
إنها ليست بعملية جراحية!
لم يكن الجو ملائما للمزاح فحياة أحدهم على المحك أبعدت وجهي عن نظراته النافذة التي تحاصرني ودمدمت بإرهاق وأنا أنهض من مكاني
ربما في الصباح الباكر.
وكأنه قرأ ما يدور في عقلي من صراع فكري فهز رأسه معقبا وهو يتنحى للجانب ليجعلني أمر من جواره
حسنا لن نستغرق وقتا.
كدت أفقد اهتمامي بما يقول لولا أن تابع من ورائي موضحا وبما جعلني اتسمر بارتجاف في مكاني
فتنفيذ عملية الاغتيال سيكون مساء غد.
الټفت كليا ناحيته وسألته پصدمة جلية على تعابيري الذاهلة
ماذا بهذه السرعة
شبح ابتسامة ماكرة تجلى على زاوية فمه وهو يخبرني
بالطبع ولما التأجيل إن كنت مستعدة لإتمامها!
ضغطت على أسناني هامسة في تبرم يشوبه الاستهجان
تبا.
رأيته يتحرك صوب باب الغرفة استعدادا لمغادرته أدار رأسه تجاهي ليقول بهدوء
سأعلم أبي بالأخبار السارة.
غمغمت في جنبات نفسي بتهكم مرير
ويا لها من أخبار!
فور ذهابه انهرت جالسة على طرف الفراش واضعة كلتا يدي أعلى رأسي لا أصدق حقا 
.................................................
حين عاد فيجو لاحقا لم يحاول التودد إلي بأي صورة أوجد مساحة كافية تفصل بيننا وتجعلنا أبعد ما يكون عن بعضنا البعض بدت بالنسبة لي وكأنها أمتارا لا بضعة بوصات للغرابة شعرت حينئذ بالضيق! فرغم كل ما عايشته معه وبسببه إلا أن هناك شيئا بداخلي يجذبني إليه يزعجني بشدة كلما شعرت به بعيدا عني .. ترى أي عاقل قد يقبل الاستمرار في علاقة زوجية كهذه مهلكة من كافة النواحي! تحيرت وتخبطت وازددت تلبكا كل الأمور تفضي في نهايتها لما لا أرغب في البوح به ورغم هذا اعترفت به في غياهب بواطني
هل نجح في اغتنام قلبي قبل امتلاك جسدي
رفضت الإجابة بصراحة عن هذا السؤال الملح في عقلي استنكرته وأنكرته وأبقيت على رفضي الزائف لكن في قرارة نفسي أعلم مدى كڈبي ومحاولة تضليل مشاعري التي نبضت وتأثرت بمن لا يقبل بالحب.
أرهقني التفكير فقررت أن أضع ما يؤرقني جانبا واستدعي النوم الذي كان يتردد في القدوم واستقبال دعوتي إليه. أرحت رأسي المشحون على الوسادة وأطبقت على جفني بقوة لأقضي على أي فرصة تدفعني للبقاء مستيقظة فبدأت بوادره في الزحف نحو عقلي فأظهرت ترحيبي العارم بها.
...................................................
يبدو أن تأثير ضغوطات يومي المملوء بالصدمات قد انعكس في منامي فكانت أحلامي استرجاعا لما مررت به فزارتني الكوابيس المليئة بالمطاردات وأشكال القټل

البشعة تقطع نومي لأكثر من مرة فكنت أنهض وأنا انتفض تارة وتارة أخرى أفيق بصړاخ مكتوم في المرة الأخيرة أوقظني فيجو مبديا استيائه من إفساد ليلته وقال في جدية
الأفضل لك تناول الدواء طالما أنك لست بخير.
نظرت إليه بوجه شبه مغتاظ وأخبرته وأنا أزيح الغطاء عن جسدي لأنهض من جواره
سأنام في غرفة أخرى.
اعتدل في رقدته وسألني في جمود وهو يفرك منابت شعره بأصابع يده
وهل هذا الحل الأنسب ستبقين على تلك الوضعية تصرخين وتنوحين وفي النهاية ستأخذين الدواء.
صحت مدافعة عن حالتي النفسية المضطربة
أنا لست مثلك معتادة على القټل والنوم بهناء.
استطرد  إباء وأشرت إلى موضع صدري هاتفة بتحفز
هنا يؤنبني...
نظر إلي بنظرة مستفهمة فأوضحت أكثر
ما يطلق عليه الضمير ربما لا تملك واحدا لكن خاصتي لا يزال يقظا.
وسد رأسه خلف ذراعيه وقال مبتسما قليلا
إنها مسألة وقت ليسكت للأبد.
تحركت من مكاني لأسير بتعجل نحو المقعد الوثير سحبت روبي الحريري الملقى على مسنده ارتديته حول قميصي بعصبية مرددة في خفوت
ليت كل شيء بهذه البساطة.
عقدت رباطه بنفس القدر من التعصب وتوجهت لتسريحة المرآة لأسوي خصلات شعري النافرة نظرت إلى انعكاس وجه فيجو في المرآة حين سألني بعزم جاد
بما أنك استفقت من نومك لما لا نتمرن الآن
ارتفع حاجباي للأعلى في دهشة وسألته بعينين تحدقان في انعكاسه بغرابة
في هذه الساعة
ظهرت التسلية على قسماته وشعرت بشيء من المكر المتواري وراء سؤاله
أيوجد لديك مانع
لذت بالصمت وادعيت انشغالي بهندمة ثيابي فأكمل مبتسما على غير عادته الجادة
إنه أنسب وقت للتدريب فقد تحتاج مهاراتك للصقل.
مؤخرا لاحظت أنه حين يكون بمفرده معي يتخلى عن وجهه الجليدي الجامد يضع هذه الرسمية السقيمة جانبا ويبدو كشخص طبيعي يبتسم ويمازح في بعض الأحيان. نفضت ما راود تفكيري لحظيا لأردد في تذمر 
حقا أتظن ذلك 
اكتفى بالإيماء برأسه وهذه الابتسامة الصغيرة ما تزال تحتل ثغره استدرت لأواجهه مباشرة وأنا أقول بنوع من الهزل الساخر ومستخدمة يدي في الشرح كذلك
الأمر كما فهمت ليس معقدا سألتقي ب سيلفيا هذه أصحبها بعيدا عن الأعين المتطفلة ثم أمنحها ابتسامة مهذبة قبل أن أرفع الإبرة وأغرزها في قلبها لتسقط صريعة عند قدمي.
أطلق ضحكة حقيقية قبل أن يعلق وعيناه تتجولان بحرية ورغبة على ساقي البارزتين
إنها إبرة رفيعة..
لن أنكر أن رؤيته يتأملني في سعادة ترضيني كأنثى خاصة مع علمي الأكيد بعدم اهتمامه بي كدت أضحك في تلقائية على طرفته عندما أكمل باقي جملته
وليس وتدا خشبيا تقتلين به مصاصا للدماء.
بصعوبة وأدت ضحكتي في مهدها لأنطق بعبوس مصطنع
هه سخيف!
رأيت نظراته تتألق تجاهي وهو يقوم من استلقائه ليخبرني بلهجته التي لا ترد
سأنتظرك بالأسفل ريثما تبدلين ثيابك.
لم يضف شيئا وغادر في هدوء لتظل نظراتي معلقة بطيفه الذي رحل تنهدت على مهل لأكرر بعدها مع نفسي بندم متزايد
ما الذي أقحمت نفسي فيه!
شعرت بالصداع يقتحم عقلي هو الآخر أكان ينقصني ذلك من فوري لففت حول الفراش لأبحث في الأدراج الموجودة بالكومود الملاصق لجانبي منه عن دواء مسكن التقطت واحدا من الأشرطة التي وصفتها الطبيب مارتي لي في وقت سابق واستخرجت منه قرصا ثم تناولته بغير ماء لأسير وأنا ابتلعه باتجاه غرفة تبديل الملابس حتى أغير قميص نومي بالملائم من الثياب.
.........................................
دعكت عيني وأنا أهبط على درجات السلم لأصل إلى البهو حيث يتواجد به الباب المشترك المؤدي لصالة ممارسة الرياضة الملحقة بالقصر قلما تواجدت بها فأنا لست من

هواة ممارسة الرياضات العڼيفة خاصة وأن معظم معدات التدريب تخص محبي ممارسة ألعاب القوة وتقوية العضلات. ألقيت نظرة خاطفة على ثيابي الرياضة المريحة كانت عقدة حذائي غير معقودة جيدا فجثوت على ركبتي لأربطها اعتدلت واقفة وتابعت المشي إلى هناك لكن يبدو أن أطياف النعاس قد راحت تداعب جفوني تثاءبت للمرة الثالثة عندما وصلت إلى الصالة. ضړبت على وجنتي برفق لأستفيق ثم دفعت الباب وولجت إلى الداخل نظر إلي فيجو متسائلا
هل أنت مستعدة
هززت رأسي إيجابا فأشار إلي بالتقدم ناحيته وهو يأمرني
اقتربي.
امتثلت لأمره وسرت تجاهه وقفت على بعد خطوة منه لاحظت أنه يمسك شيئا صغيرا بيده أمعنت النظر بتدقيق أكبر بدا كقلم حبري رفيع لكنه قصير الطول ومصنوع من مادة تشبه المعدن في لمعانه أشرت بعيني إليه وأنا أسأله مستوضحة
ما هذا
رفع يده الممسكة بها في مستوى نظري لأنظر إليها عن كثب وجاوبني
الإبرة المطلوب منك استخدامها.
تعقدت ملامحي في توتر فأكد لي
لا تقلقي إنها خالية من أي سمۏم.
رددت بوجه متجهم وبقدر من السخرية
أوه أشعرني ذلك
 

48  49  50 

انت في الصفحة 49 من 60 صفحات