السبت 30 نوفمبر 2024

وبقى منها حطام أنثى لمنال سالم

انت في الصفحة 22 من 54 صفحات

موقع أيام نيوز

قبل أن يرد عليها بمكر 
وماله خدي راحتك يا عروسة ما انتي معذورة لسه مش واخدة عليا !
سارت مسرعة نحو غرفة النوم وهي تعض على شفتيها قهرا وفكرة واحدة مسيطرة على عقلها كليا أن أخيها قد زج بها في تلك الکاړثة بلا رحمة 
أغلقت الباب خلفها واستندت بكفها عليه قليلا محاولة السيطرة على نوبة البكاء التي تهدد بالإنطلاق في أي لحظة أغمضت عينيها بقوة ونكست رأسها حزنا 
لم تكن هي ليلة عرسها التي تخيلتها ولطالما حلمت بها ولم يكن محسن هو فارس الأحلام الذي انتظرته بعشق لتتوج قصة حبهما بالزواج 
تحركت بتثاقل للأمام فوقعت عينيها على الفراش فتسمرت في مكانها مشدوهة 
تذكرت كلمات والدتها المقتضبة حول ماهية ليلة الزفاف وما على العروس من فعله لتنال رضاء زوجها وتوقعه أسير غرامها 
فإنتابتها حالة من الإرتباك الممزوجة بالړعب تنفست ببطء لتسيطر على إنفعالاتها المتوترة 
ثم بحذر شديد أزاحت حجاب رأسها عنها 
مدت يديها للخلف لتفك السحاب الخاص بفستانها ولكن انتفض جسدها فزعا حينما رأت محسن يقتحم عليها الغرفة دون سابق إنذار 
تراجعت بړعب للخلف وحدجته بنظرات ڼارية وهي تصرخ فيه معنفة إياه 
في ايه إنت ازاي
تدخل عليا كده
برقت عينيه بشرر مخيف وهو يرد عليها بنبرة حادة 
جرى ايه يا حلوة مش إنتي مراتت ولا أنا غلطان !
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تهمس برجاء
لو سمحت أنا محتاجة آآ 
قاطعها وهو 
أنا مش قادر أصبر أكتر من كده
حاولت إيثار دفعه بقبضتيها من صدره وقد بدى النفور واضحا على تعابير وجهها وتوسلت له بنبرة مخټنقة 
لو لو سمحت أنا محتاجة أخد الأول عليك اديني فرصة آآ 
قاطعها قائلا بهمس فحيح 
تاخدي عليا ! هو احنا لسه هنتعرف ده انتي مراتي !
أغضبه بشدة نفورها منه وهتف وهو يصر على أسنانه بغلظة 
الظاهر إن حبيب القلب لسه في بالك !
ارتعدت من أسلوبه العڼيف ومن نظراته الممېتة المسلطة نحوها وتحركت شفتيها قائلة دون أن تنطق
م مالك !
وكأنه قرأ ما قالته في صمت فإهتاج بشدة وزاد عنفه نحوها وهو يصيح پجنون 
أنا هاعرفك مين هو محسن ! إنتي مش متجوزة عيل !!!!
بكت بحړقة وأغمضت عينيها قهرا وخزيا فها قد تدمرت أخر أحلامها الناعمة وحل محلها ذكرى أخرى بائسة لن تمحى من ذاكرتها 
طالعها محسن بنظرات مطولة وهو يهمس لها بصوت أصابها بالغثيان 
انتي ليا وبس !
وما أوجعه هو اعتقاده بخېانة إيثار له وتخليها عنه بتلك السهولة 
اعتصر قلبه بشدة من ذكراها وشد من قبضة يده الممسكة بالدرابزون المعدني وهو يتحرك نزولا عن السفينة 
جاهد ليمحو طيف صورتها التي تتشكل أمامه بين الفنية والأخرى وكأنها تتعمد إلهاب جرحه 
ابتلع ريقه بصعوبة وحبس أنفاسه في صدره ليهدأ من تلك النيران المستعرة بداخله 
جاب المكان أمامه بنظرات خاوية وحدق في أوجه الواقفين على رصيف الميناء بنظرات واجمة 
مالك يا مالك أنا أهوو
صوت تردد بنبرة مرتفعة أثار انتباهه وجعل رأسه يدور في أغلب الاتجاهات بحصا عن صاحبه 
وبالفعل وقعت أنظاره على رفيقه نادر 
ابتسم له ابتسامة مجاملة وتحرك صوبه
التوى ثغره بإبتسامة خفيفة وهو يسأله 
ازيك يا نادر 
أجابه نادر بنبرة مفعمة بالحيوية وهو يجر حقيبة سفره من حاملها 
الحمدلله قولي ايه الأخبار معاك والرحلة كانت عاملة ازاي 
رد عليه بنبرة مرهقة وهو يعلق حقيبته الأخرى على كتفه 
الحمدلله ماشي الحال
وكأن رفيقه قد رأى لمحة الحزن المتجسدة في عينيه فسأله متوجسا 
في ايه مالك انت شكلك مش آآآ 
قاطعه مالك مسرعا حتى لا يترك له الفرصة لإستجوابه 
متخدش في بالك ده بس من تعب السفر
أومأ الأخير برأسه موافقا وهو يضيف 
أها عندك حق برضوه السفر بالمركب بيتعب يالا بينا هوديك عند بيتي تغير هدومك وتاكل وترتاح
ماشي
ثم تحرك الاثنين في إتجاه إحدى السيارات المصفوفة خارج الميناء ليستقلاها بعد أن وضع
نادر الحقيبتين في صندوقها 
ظلت تغتسل وتغتسل وتغتسل وهي تبكي بآسى وحسرة لعلها تزيل تلك الأثار المقيتة عنها 
ولم تمنع شهقاتها من الظهور 
بقت لفترة في المرحاض حتى زاد وهنها فأغلقت الصنبور وخرجت منه وهي تلتف بروبها القطني 
لم ترغب في العودة إلى غرفة
نومها 
وسارت بضعف في اتجاه الصالة وألقت بجسدها المنهك على أقرب أريكة ثم لفت نفسها بذراعيها وكأنها تحتمي من ذلك الشړ القابع بالداخل 
أرجعت رأسها للخلف وأغمضت عينيها وهي
انتهى مالك من ترتيب متعلقاته الشخصية في خزانة الملابس بغرفته في منزل رفيقه نادر 
ذلك الرفيق الذي ندر وجوده في
تلك الأيام 
كان عرضه سخيا بحق فرصة عمل مميزة من وجهة نظره بإحدى شركات الإستيراد والتصدير متعددة الجنسيات والتي يعمل بها كمدير تنفيذي 
لم يستطع الرفض خاصة وأنه كان يحتاج إلى مكان يبعد فيه عن كل ما يتعلق بالماضي المؤلم 
أراد فرصة ليبدأ فيها من جديد 
فرصة تتيح له الوقت ليلملم شتات نفسه ويستعيد هويته التي ضاعت بخيانتها 
إيثار مازال صدى اسمها يتردد في أذنيه وطيف ضحكاتها الناعمة تداعب قلبه ووميض نظراتها الباسمة تسيطر على عقله 
غمازتيها تلك العلامتين التي طالما أسرته 
إيماءة رأسها وإلتواءة شفتيها وهي عابسة 
كم
تنهد بعمق لأكثر من مرة محاولا إبعادها بيأس عن ذاكرته 
ظل يذكر نفسه مرارا أنها لم تعد له هي خائڼة العهود هي التي إرتضت بغيره لأنها أقدر ماديا وأوهمته الحب فتركته يقاسي بمفرده في غربة موحشة 
فردد مع نفسه إحدى قصائد نزار الشعرية مواسيا روحه 
وما بين حب وحب
أحبك أنت
وما بين واحدة ودعتني
وواحدة سوف تأتي
أفتش عنك هنا وهناك
كأن الزمان الوحيد زمانك أنت
كأن جميع الوعود تصب بعينيك أنت
فكيف أفسر هذا الشعور الذي يعتريني
صباح مساء 
مد محسن ذراعه وهو شبه غاف إلى جواره ليتلمس زوجته الجميلة فوجد مكانها خاويا وباردا ففتح عينيه فجأة وضاقت نظراته المنزعجة وهو يفتش عنها سريعا 
اعتدل في نومته وحك مؤخرة رأسه ثم تثاءب ونهض بتثاقل من على الفراش 
جرجر قدميه وهو يتحرك للخارج 
رأها وهي غافية و متكومة على نفسها على الأريكة في روبها القطني فأثارته وحركت غرائزه نحوها 
تقوس فمه فيه بهلع 
تحولت نظراته للإظلام وهو يرى ردة فعلتها فصاح بها بقوة 
في ايه شوفتي عفريت !!!!
نظرت له متأففة وحاولت النهوض وهي تجيبه بتلعثم 
أنا انت آآ 
قاطعها قائلا بشراهة أرعبتها أكثر 
أنا عاوزك
جفل جسدها من نبرته وتفاجئت به يميل عليها رغما عنها وهو يتابع بهمس زاد من شعورها بالنفور 
لسه بتتكسفي مني يا عروسة !
وضعت قبضتيه على ذراعيها فدفعته بعيدا عنها بركبتيها المضمومتين رافضة أي محاولة منه لتحقيق مبتغاه ولكنه أبى ألا يتركها 
فقد طاب له التمتع بها 
وها قد عاود تكرار فعلة الأمس ليزيد من إزدرائها لنفسها 
جمعت تحية صحون طعام الإفطار الفارغة وهي تتنهد بحزن 
كانت ملامح وجهها عابسة للغاية نظراتها شاردة 
تشعر بإشتياق إلى 
أدرك عمرو دون أن تنطق والدته أن سبب حزنها هو شقيقته فإبتسم قائلا بمرح 
شكل البت إيثار وحشتك
ردت عليه بصعوبة وهي تحاول منع عبراتها من الإنهمار 
اسكت ياعمرو قطعت بيا !
لف ذراعه حول كتفيها وقبل أعلى رأسها وهو يضيف بتحمس 
ياماما هي لحقت ده تلاقيها متهنية مع محسن ومتمرمغة في العسل !
تنهدت تحية قائلة بتمني 
يا ريت يا بني لأحسن قلبي واكلني عليها أوي !
قومي يا حلوة جاهزيلنا بايديكي الطعمين دول لقمة ناكلها قبل ما نتوكل على الله ونسافر !
لم تعقب عليه بل إكتفت بالنظر إليه شزرا وهي تعيد غلق روبها بيدين شبه مرتعشتين 
هي ليست كأي عروس سعيدة بزواجها هي تعاني بمرور اللحظات وهي في أحضان ذلك السمج المقيت الذي تبغض اقترابه منها 
وها هو ېحطم فيها مشاعر الود والألفة من جديد 
لم يدفعها لحبه بالرفق واللين بل تجاهل مشاعرها تماما وكأنها مجرد وعاء ينفث فيه طاقاته المكبوتة قاټلا فيها أي إحساس بالحب 
أعدت تحية وجبة الطعام للعروسين وأضافت عليها الكثير من الفاكهة والحلوى
تأمل رحيم تلك الأكياس البلاستيكية بنظرات ممعنة وتساءل قائلا بجدية 
خلصتي يا تحية 
أجابته بنبرة شبه مرتفعة وهي تلج من المطبخ 
أيوه يا حاج مش ناقص بس غير احطلها العصير
هز رأسه بحركة خفيفة وهو يضيف بتنهيدة حزينة 
ماشي ابقي سلمي عليها أوي
بادلته ابتسامة هادئة وهي تقول 
يوصل يا حاج !
هتف عمرو بنبرة عالية وهو يقف مستندا بجسده على باب المنزل 
يالا يا ماما عشان ألحق أوصلك
ردت عليه بصياح 
حاضر هاربط الطرحة وأجيلك يا عمرو !!
طيب أنا هاخد الشنط وهاسبقك على تحت
ماشي يا بني
وبالفعل أمسك عمرو بالأكياس البلاستيكة وخرج من المنزل وأغلق الباب خلفه لينزل
هبوطا على الدرج 
في نفي التوقيت كانت روان صاعدة إلى منزلها وما إن وقعت عينيها عليه حتى حدجته بنظرات قاټلة تعجب منها 
كانت تحمله هو وأخته اللوم في فراق أخيها 
لم تستطع إخفاء مشاعرها العدائية نحوه واستشف
ببساطة سبب تلك النظرات فهي لم تكن بحاجة إلى أي تفسير فالسبب كان واضحا للعيان ورغم هذا نظر لها بجمود وتحرك بخطوات بطيئة للأسفل 
توقفت سيارة الأجرة أمام محطة القطارات فترجل منها محسن بعد أن دفع للسائق أجرته ثم تبعته إيثار وهي تنظر حولها بإرتياب 
سحب حقيبة سفر مليئة بثيابها خلفه وأمسك بقبضته الأخرى إيثار وكأنها يخشى إفلاتها منه 
دفعها للركوب في عربة القطار بعد حجز التذكرتين وجلست كالتائهة حيث أمرها 
بعد برهة تحرك بهما القطار بعد إطلاق صافرته إلى وجهة لا تعلمها بعد 
وضعت هي نظارة شمس قاتمة لتحجب عينيها المنتفختين عنه لكنها لم تستطع منع عقلها من التفكير فيما سيحدث لاحقا 
فقلبها ينبئها بوجود خطب ما في تلك السفرة مجهولة المعالم 
ايوه يا عمرو
كانت كمن أصابته الصاعقة بعد تلك الكلمات المقتضبة وارتفع حاجبيها في ذهول عجيب فمن كان ينعته بتلك الصفة البشعة هو أخيها الوحيد 
تأججت النيران بصدرها واشتعلت عينيها ڠضبا كيف يجرؤ على هذا ويسيء إلى أخيها في حضرتها وفي غيابه وهو الذي يدعي رفقته وصحبته الطيبة 
بدأت خصاله السيئة تنكشف أمامها تلك الصفات التي تغاضى الجميع عنها عمدا من أجل تزويجها له 
ظلت على حالتها المصډومة وهي تتابع باقي حديثه الجاف 
احنا مسافرين لأ لسه مش دلوقتي معلش مراتي وأنا حر معاها هانبقى نكلمك أها سلم عليها ماشي شكرا
أنهى المكالمة وهو يرسم ابتسامة صفراء على شفتيه ثم رفع رأسه لينظر إليها ببرود قاټل وهو يقول 
أنا هافصل الموبايل مش ناقص خوتة من أهلك
اتسعت حدقتيها الحانقتين وهي تسأله بنبرة حادة
انت انت ازاي ټشتم أخويا كده 
رد عليها ببرود يحمل التهكم 
عادي غلطت في البخاري ياخي
ثم مال للأمام بجسده نحوها ورمقها بنظرات قاسېة وهو يتابع بفظاظة 
وبعدين انتي مراتي وأنا حر معاكي في تصرفاتي فلا أخوكي ولا حد من عيلتك ليه الكلمة معايا فاهمة !
اكتفت بالضغط على شفتيها بقوة وزادت نظراتها الكارهة له ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنه وهي تدعو الله أن يرحمها من تلك الکاړثة التي وقعت فيها ويهون عليها القادم 
يتبع الجزء الثاني بعد قليل
وبقي منها حطام أنثى
الفصل السادس عشر الجزء الثاني 
بعد سفرة مرهقة امتدت لعدة ساعات توقف القطار في المحطة المنشودة فهب محسن واقفا وسحب الحقيبة من الأعلى وهو يهتف بصوت صارم 
يالا انزلي احنا وصلنا
فما كان من إيثار إلا الإنصياع له والتحرك خلفه 
ترجلت من عربة
21  22  23 

انت في الصفحة 22 من 54 صفحات