رواية غير قابل للحب بقلم منال سالم
تعد مرتكزة على الكراهية والعداء بنفس القدر من القوة بل تناقص ذلك رويدا بدرجة جعلتني أتخبط ولم تبق كذلك على الحياد أو السلبية لقد حسمت أمرها
انتشلني فيجو من حلقة الصراع المحتدمة في رأسي حين مد إصبعيه بالإبرة تجاهي انتفضت في جلستي ونظرت إلى يده وهو يأمرني قبل أن أرفع عيني إليه
أخذتها منه وفحصتها بنظرة عابرة لأعلق بعدها ساخرة وأنا أضعها في حقيبة يدي الصغيرة
ظننت أنك نسيتها!
لاحت ابتسامة صغيرة على زاوية فمه وهو يخبرني بلطافة
وهل هذا يعقل فأنت نجمة اليوم
عمدت سريعا إلى تغيير الموضوع وأردفت قائلة وأنا أبقي عيناي على جانبي من الطريق
قال لي بجدية تامة
نحن ذاهبون إلى أعدائنا فمن الواجب أن نتخذ كافة التدابير اللازمة وأن نحتاط جيدا لأي غدر متوقع
وترتني كلماته فسألته بتوجس بدا على ملامحي ونبرتي ونظراتي
وماذا عني
تطلع إلي في لحظة قبل أن يحدق في الطريق فأكملت التعبير عن مخاۏفي التي راحت تتصاعد
وجدت يده تمتد لتمسك بكفي المسنود على حجري قبض عليه قليلا وأخبرني مؤكدا وهو ينظر تجاهي
لن أسمح لأحد بأن يصيبك بسوء ثقي بوعدي
تفاجأت بتصرفه المراعي وقلت كنوع من مقاومة ما يختلجني الآن من اضطراب متعاظم
أعذرني تعلمت منك ألا أثق بأحد
مبهر أنت مستمعة جيدة لنصائحي ولهذا أنت مميزة
أبعدت يده بلطف وسألته وأنا أجاهد لأبدو متماسكة
جاء رده صاډما على كافة المقاييس والأصعدة
إعجاب!
اتسعت حدقتاي في ذهول وانفرجت شفتاي لتسأله بغير تصديق
ماذا
انخطف قلبي مرة واحدة عندما وجدته يميل ناحيتي ليخبرني
الملهى يوجد هناك
ماذا به لا أصدق أنه يفعل بي ذلك
في منطقة راقية للغاية امتازت بانتشار النوادي الخاصة برواد ينتمون لطبقة اجتماعية معينة غير عموم الناس بدأت السيارات في إبطاء سرعتها توقعت أن نقف عند المدخل الخاص بالملهى الذي أشار إليه فيجو من بوابته الأمامية كما يفعل البقية لكن انحرفت السيارات نحو طريق جانبي شبه معتم يعج بعشرات الأشخاص من ذوي الأجساد الضخمة والسترات السوداء حيث يقومون بحراسة وتأمين المدخل الخاص بالضيوف المميزين
شعرت بانقباضة في صدري مع تلاحق نبضات قلبي لن أنكر أن إحساسي بالخۏف قد بدأ يتخذ دوره هو الآخر فما أراه الآن يوحي بحرب وشيكة
ذكرتني هيئة المكان الجانبية بما عشته من تجربة غير سارة في طفولتي حين قتل ماركوس أثناء محاولة اختطافي لم أكن قد تجاوزت الذكرى بعد حتى طفا بعقلي ذكرى حاډثة جماعة الروس
دب الړعب بأعماقي واحتل الخۏف كل خلجات جسدي أحسست بالمزيد من موجات الذعر تجتاحني كلما أصبحنا أكثر قربا من المكان يبدو أن الظلام غطى على امتلأ به وجهي من أمارات الړعب انتفضت في فزع مرئي عندما أخرجني فيجو من شرودي المرتاع عندما قال بهدوء
هيا بنا
ترددت في النزول وسألته دون أن أبذل أدنى محاولة لإخفاء هلعي
هل هذا هو
أجاب نافيا
لا إنه تابع لأتباعنا المخلصين يمكن اعتباره مجازا بأرض محايدة
سألته والتوتر يتجلى أكثر في عيني
هل مؤمن جيدا
قال مؤكدا بنبرة جادة للغاية
لم أكن لآتي بك دون أن أتأكد من سلامتك
في لحظة ضعف حقيقية تخليت عن الحاجز الذي أضعه في علاقتنا واعترفت له بصدق وأنا أمد يدي لأضعها على عضده
فيجو أنا خائڤة حقا لن أدعي القوة أو غير ذلك لكني مذعورة للغاية
تطلعت إليه بتوسل عاجز فرمقني بهذه النظرة الغريبة المتأرجحة بين النقيضين لينطق بصوت ثقيل كأنه يخوض حربا بداخله
كفى دلالا وهيا
يبدو أنه لا مفر من مصيري المحتوم في هذا العالم المظلم سحب ذراعه من تحت يدي وهبط عن السيارة أولا بينما وجدت أحد أفراد ى النقيض كليا ظهرت مظاهر البذخ والثراء بوضوح مبهر كأنك في منتجع ترفيهي فائق الخدمة
خطفت الأضواء البراقة نظراتي ولم أعرف إلى أين أسلط ناظري تحديدا تركت ل فيجو توجيهي فعبرنا ممرا داكنا امتد لبضعة أمتار قبل أن نهبط على عدة درجات للسلم نقلتنا إلى حيث الصخب لكننا لم ننخرط وسطه بل دفعني برفق لانحرف نحو الجانب ثم سار بي ناحية منطقة معزولة عن البقية مقسمة إلى ما يشبه الحجرات الخاصة يفصل بينها حواجز خشبية وزجاجية لكنها تمكنك من رؤية كل ما يدور حولك
ما إن اقتربنا من المكان المخصص لنا حتى رأيت أحدهم كان جالسا في المنتصف ينهض من جلسته المسترخية ويبعد عنه الجمع المجتمع حوله رسم على وجهه ابتسامة عريضة وفرد ذراعيه في الهواء مرحبا
أهلا بالزعيم
تقدم ناحيتنا فبدا طوله مقاربا لزوجي لكنه لا يفوقه كما كان جسده مثله ممتلئ العضلات ووجهه به لمحة من الشړ وجدت نظراته قد ارتكزت علي فأشحت ببصري مدعية تطلعي لما يحيط بي سمعت فيجو يخاطبه في برود يشوبه التعجرف
اخترت مكانا مناسبا لهذا الاجتماع ألكسي
فهمت من الاسم الذي ناداه به أنه الشخص المعني باللقاء وحاولت ألا أنظر ناحيته وهو يتكلم مع زوجي في غرور مصطنع
تعرف أن ذوقي مميز في انتقاء الأفضل
تلقائيا اضطررت للنظر تجاهه عندما سأل بشكل مباشر
أهذه زوجتك
شعرت بالمزيد من التوتر المختلط بالحرج ينتابني في حين لم ينطق
فيجو بشيء وكأن صمته قد أعطاه الرد تابع ألكسي بما بدا لي تجاوزا رغم مدحه المجامل
إنها حقا كما قالوا أميرة جميلة بل رائعة الجمال
انفرجت شفتاي في دهشة وقد رأيته يتجه ناحيتي تجمدت في مكاني في تخوف لكن فيجو اعترض طريقه واضعا يده على صدره لإيقافه وهو يخبره بصرامة شديدة
غير مسموح لك بالاقتراب منها
طريقته الحامية التي فرضها في التو أشعرتني بالأمان خاصة مع انتشار الخۏف بأوصالي رأيت كيف حول ألكسي نظراته المزعوجة نحوه وفيجو لا يزال ينذره بوجه قاسې الملامح
ولا تنسى أن فعلتك الخبيثة لم تمر بعد دون محاسبة!
رفع ألكسي كفيه في الهواء موضحا
أعتذر عن تجاوز أحد رجالي
حملقت في وجه فيجو فوجدته قد ازداد قساوة لوهلة شعرت بالامتنان لكوني إلى جواره أقع تحت حمايته ظللت أنظر إليه وهو يستطرد معقبا عليه بغير تساهل
لا يكفيني ذلك
اتجهت مرة ثانية بنظري نحو ألكسي وهو يطلب منه
حسنا لنتفاوض على ما تريد ونحن نجلس
ثم خاطبني في ود لم استسغه
تفضلي هنا سيدتي
كدت أتحرك إلى حيث أشار لي بالجلوس لكن ضمة فيجو أوقفتني نظرت إليه بتحير فلم ينظر ناحيتي لكنه قام بنقلي بين ذراعيه نحو الجانب الآخر لأكون في منأى من اقتراب ألكسي أو أعوانه تصرفاته معي وإن كانت متسلطة أفادتني إلى حد كبير فموضع جلوسي كان محميا من أي مضايقات والتصاق فيجو بي بث بداخلي إحساس الاطمئنان حتى كدت أتناسى أني جئت إلى هنا من أجل القټل
وترني الترقب وأنا أطبق على شفتي لا أعلق بكلمة على ما أسمعه من حوارات تسترت بالسكوت مجازا وبدأت أتناول المشروب المقدم إلي دون أن أسرف في الشراب فأنا بحاجة لأن أكون في قمة وعيي خلال ارتكابي لجريمتي المحددة غادر ألكسي بعد برهة وتركنا وظللت كما أنا صامتة إلى أن جاءت سيلفيا حينئذ ملت نحو فيجو وهتفت في أذنه بربكة قلقة
إنها هنا!
نظرت أمامي فرأيتها قد أصبحت في مواجهتي وهي محدقة بي بتركيز متعمد ازددت تلبكا واضطرابا خاصة عندما انتقلت للوقوف قبالتي كانت ممسكة بكأس مشروبها تؤرجحه بين أصابعها بخفة حدجتني بنظرة دونية وهي تقول بازدراء مباشر
لقد جئت إلى هنا يا لك من جريء!
أحسست بالإهانة الشديدة من وصفها المسيء وراح شعور الخۏف يتناقص ليحل بدلا منه الضيق والانزعاج استمرت سيلفيا على طريقتها البغيضة في الكلام فأضافت
أليس من المفترض أن يكون مكانها البيت أم أنك سئمت منها وقررت التخلص منها
شهقة مذهولة انفلتت مني وأوشكت على الخروج عن صمتي لأرد عليها بعد أن تجاوزت كثيرا عن المسموح لها إلا أن فيجو سبقني وقال محذرا بلهجة حازمة
إياك وقول المزيد سأقطع لسانك
اشتاط وجهها تحت الإضاءات البراقة رأيت كيف تلونت عيناها بحمرة مغتاظة عندما تابع
هي ليست كابنتك
صړخت به سيلفيا في حدة وقد ألقت بالكأس من يدها ليتهشم في التو
أنت من جعلتها تدمن أنت من ډمرت حياتها
ثم همت بالانقضاض عليه محاولة الفتك به وهي تواصل صړاخها المهتاج
وستكون نهايتك قريبة
قبل أن تصل إليه أبعدها أحد أفراد التأمين أمسك بها من رسغيها ودفعها للخلف بقليل من الخشونة فظلت تصرخ فيه
دعني سأنتقم منك فيجو سترى
رد عليها فيجو بنبرة هازئة
في المرة القادمة استخدمي شيئا فعالا غير السم
جن چنونها وهدرت في حنق أشد
سأقتلك وسأقتل زوجتك هذه
سلطت نظراتها علي فاشتعلت بشرتي بغيظ وجاش الڠضب
بصدري نجح فرد التأمين في إبعادها كليا عن محيطنا لكن إھانتها ظلت تحرقني لقد نجحت هذه المرأة في تأجيج مشاعري المحتقنة وأوصلتها إلى ذروتها تبدد ما كان بي من خوف وهتفت في تعصب
لن أسكت عن تلك الإساءة
علق فيجو بهدوء
جيد استخدميها في تنفيذ مهمتك
هاجت بي الانفعالات فرحت أسأله بغيظ
هل تتعمد استفزازي
جاوبني بنفس أسلوبه الهادئ المستثير للأعصاب
بل أخبرك بحقيقة ما تراه فيك لئلا تأخذك بها شفقة
قبل أن أعقب عليه جاء ألكسي وقاطع ما بيننا من نقاش فتراجعت في مقعدي وأنا أسحب كأس المشروب لأتجرع ما به دفعة واحدة ظللت أحدق بوجه غائم فيمن حولي تتراقص في عيني شرارات الڠضب رأيت ألكسي يميل نحو فيجو ليحدثه بشيء لم أستطع سماعه بوضوح بسبب الصخب السائد عادت الحيرة الممزوجة بالڠضب تتصارع في رأسي فهناك حلقة مفقودة بمسألة زواجه السابق كم وددت لو كان صريحا معي أو على الأقل أطلعني على ذلك الأمر بدلا من التفاجؤ به لكن في عالمنا الأوامر تصدر والطاعة إلزامية!
كان من المفترض أن أشعر في هذه اللحظات الحرجة بالتردد والخۏف ومع ذلك وللغرابة استبدت بي