الأربعاء 11 ديسمبر 2024

رواية غير قابل للحب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 38 من 60 صفحات

موقع أيام نيوز


فيجو وهو يسأله بلهجة المحقق
ماذا كيف حدث ذلك أليست هذه الأماكن مؤمنة ضد الحرائق
جاء رده مفسرا
نعم لكن يبدو أنها مفتعلة خاصة أنها اندلعت في نفس التوقيت!
هل عرفت من يقف ورائها
ظل لوكاس واقفا عند عتبة الباب منتصبا بقامته وهو يجيب

لحظة سكت فيها ثم أوضح
أليكسي وأعوانه.
لم يكمل فيجو غلق باقي أزرار القميص حين علق عليه بتوعد
الملاعين أيظنون أنه ستمضي فعلتهم هكذا دون عقاپ لا يعرفون مدى ڠضبي بعد.
أحسست بوجهي يشتعل خجلا حين وجدت نظرات لوكاس مسلطة علي وزاد الحرج في وهو يكلم ابن عمه دون أن يخجل من إبعاد عينيه الماكرتين عني
لو لم يكن الأمر خطېرا لما أبلغتك.
حسنا فعلت...
ثم دنا من الباب هاتفا
هيا بنا.
وماذا عن ... زوجتك
لم ينظر ناحيتي عندما قال
لن تذهب لأي مكان.
سمعته يأمره من الخارج بما أغاظني
ضع فقط حراسة أمام الباب.
سأله لوكاس مستفهما
تحسبا لغدرها أم ماذا
أتاه رده حازما
لا شأن لك!
حمحم لوكاس قائلا
حسنا لا تغضب.
ثم تصنع الضحك واختتم كلامه قبل أن يغلق الباب علي
أحب فيك روح القاټل الشرس.
تنهدت بعمق بعد أن صرت وحيدة في هذه الغرفة الواسعة شعرت بأن القليل من السکينة قد حل بي بعد كم العواصف التي خضتها في الساعات السابقة. حقا أردت الاختلاء بنفسي لأفكر بجدية فيما فعلت كنت بحاجة للشعور بدفقات الماء الدافئ تنساب على جسدي فتخفف من حدة التصلب المستبد بعضلاتي استرخيت مع استمرار تدفق المياه شعرت بأني أزحت ثقلا عني ونفضت الكثير من

الهموم بهذه الخلوة اللطيفة.. كذلك استطعت أن أمنح عقلي مساحة للتفكير بروية وبذهن خال من الضغوطات المربكة.
أدركت أنه كان خطئي منذ البداية حين استسلمت للتهديدات المزعومة بإيذاء عائلتي لم يكن علي الټضحية لأجل الآخرين فخالي نال جزائه بعد أن زج بي في هذه الحړب وشقيقتي لم تكن لتتواجد هنا لو لم أعلق في هذه الزيجة البشعة كان علي أن أكون أكثر حزما وصلابة وتمسكا بالرفض لربما اختلفت الأوضاع الآن. زفرت مليا ورددت لنفسي
كم أنا حمقاء ضعيفة!
خرجت من المغطس بعد أن لففت المنشفة حولي كان فيجو محقا أنا من سأعاني في النهاية. كنت ممتنة أن هذا العڈاب لم يستمر كثيرا وانقضي بذهابه. تحركت نحو المرآة لأنظر إلى وجهي من خلف آثار البخار المتجمعة على سطح الزجاج كنت باهتة مشوهة لا أشبه نفسي مسحت بيدي مساحة من الزجاج فبرزت عيناي كانتا مليئتان بالحزن تعيستان بعيدتان كل البعد عن السعادة والسرور أغمضتهما لئلا أرى هذا الشحوب الأقرب للموتى المنتشر في ملامحي واستدرت بعيدا عن المرآة لأبحث عما أرتديه فلن أظل ما تبقى من اليوم هكذا.
حين جلست على الأريكة في الغرفة ضممت ركبتي إلى صدري وللفت ذراعي حولهما لأنكمش حول نفسي وأحاوطها وكأني بهذا أطمئن نفسي المرتاعة تطلعت إلى الأمام في نظرات عشوائية إلى أن بدأت اتنبه لما حولي فقد بدا المكان فوضويا رغم أناقته خاصة ما أحاط بجانبي الفراش فثوب عرسي ملقى في الناحية وإلى جواره ثيابي التحتية والسکين في الناحية الأخرى بجانب حذائي. ضحكت في مرارة متسائلة
أهذه ليلة زفاف العروس تقاتل زوجها بشراسة والأخير يهرب في النهاية.
تابعت سخريتي وأنا أرجع رأسي للخلف لأريحها على ظهر الأريكة
كان ينقصنا بقع الډماء ليبدو المشهد متكاملا!
حاولت أن أبث الدفء إلى جسدي فما موجود من ثياب كان لا يكفي لمد هذا الإحساس إلى أوردتي كنت أرتجف بشكل ملحوظ لهذا قررت النهوض من جلستي وأخذ الغطاء الآخر لألفه حولي لم أرغب في الاستلقاء على السرير كنت أريد الاستعداد لمواجهة فيجو حين يعود لهذا عدت إلى موضع جلوسي وتدثرت بالغطاء فبدأ الدفء يتسرب إلى أسفل جلدي ليتضاعف إحساسي بالاسترخاء.
رحت من جديد أتأمل باقي الغرفة كان في أحد الأركان عند الشرفة الواسعة مائدة مستديرة مرصوص عليها زجاجة شراب من النوع الفاخر بالإضافة للفاكهة وبعض الحلوى. كنت فاقدة للشهية فلم أرغب في تناول شيء تثاءبت بعد ذلك في إرهاق وقاومت شعور النوم قدر استطاعتي محاولة إلهاء عقلي في التفكير بشقيقتي وأمي كنت شبه واثقة أنهما بخير ف لوكاس كان بصحبة فيجو وحتما ما تعرضت له جماعتهما من مصائب سيجبرهما على الالتهاء عنهما. بعد عدة دقائق على ما أذكر غلبني النعاس ورحت في سبات عميق تخللته بعض الكوابيس المشحونة بمواجهات محتدمة مع فيجو كانت له الغلبة فيها!
عيني بضعة مرات لاستفيق بالكامل وتكلمت إليها في نبرة متحيرة
نعم من أنت
قمت واقفة وأنا أسمعها تحادثني من وراء الباب
أنا الخادمة سيدتي إنهم ينتظرونك بالخارج.
سألتها في استفهام مشبع بالفضول
من ينتظرني
فركت

جبهتي ونفضت شعري المشعث لأمشطه بأصابعي لأسمعها تجاوبني في نفس اللهجة الرسمية
السائق مع أفراد الحراسة.
أصابتني الحيرة وسألتها مستوضحة
لماذا
لم أحصل على الجواب الشافي عندما نطقت
جاءت الأوامر بالذهاب من هنا.
نفخت في تبرم منزعج من هذا التسلط الظاهر وإن كان على يد الخادمة وقلت وأنا أدور بناظري في الغرفة لأثبتها على خزانة الثياب
حسنا امهليني عدة دقائق.
ردت في تهذيب من مكانها بالخارج
في انتظارك سيدتي.
تساءلت مع نفسي وأنا أتحرك صوب الخزانة
كم الوقت الآن
فتشت عن ساعة الحائط فلم أر واحدة لهذا اتجهت نظراتي نحو الكومود حيث من المفترض أن يوجد منبه موضوع بجوار الفراش وجدت ضالتي وحسبت الزمن الذي استغرقته للنوم فأدركت أني تجاوزت الساعتين. سحبت شهيقا عميقا لفظته دفعة واحدة متذكرة فقداني لهاتفي المحمول فدمدمت في ضيق
اللعڼة ليته كان معي.
ضغطت على شفتي قائلة
أحتاج للاطمئنان على صوفيا وآن.
تعلقت أنظاري بالباب مرة ثانية وخاطبت نفسي في رجاء
ربما هما بالخارج تنتظراني أيضا.
أردت التمسك بهذا الأمل البسيط لئلا أرهق عقلي في التفكير في الأسوأ رغم حدسي بأن فرصة رؤيتهما ربما تكون محدودة .. محدودة للغاية.
أحدثت معدتي صوتا يشبه الزئير قبل أن اقتربت من الباب تحسستها بيدي لم أرد الذهاب وأنا جائعة فأسرعت في نفسي أني غير مضطرة لتبرير ما يحدث معي من تصرفات غير لائقة للخدم فالجميع يعلم مدى تسلط زعيمهم وربما مجرد التطرق لمناقشة أوامره يعني إنهاء حياة أحدهم لا إنهاء وظيفته. سرت في خيلاء حفظا لماء وجهي ومن ورائي تبعتني الخادمة كظلي سألتها حين اقتربت من سيارة الدفع الرباعي التي تنتظرني
أين هي والدتي وشقيقتي الصغرى
جاء صوتها من خلفي موضحا
لا أعرف سيدتي.
سألتها في شك
ألن تأتيا معنا كانتا هنا منذ الصباح.
قالت في نفس الصوت الهادئ
ليس لدي فكرة.
غمغمت مع نفسي في استياء مزعوج
ومن لديه إذا!!
تقدم ناحيتي أحد أفراد الحراسة كان ضخم الچثة طويل القامة قفز قلبي خوفا من ملامح وجهه المشوهة بچروح متفرقة تبدو أنا ناجمة عن اشتباكات عڼيفة. ازدرت ريقي ونظرت إلى يده الممدودة عندما قال في صوت أجش
تفضلي من هنا.
اتجهت إلى حيث أشار نحو باب السيارة الخلفي وأنا أردد بلا صوت
يا للسخرية! لقد كلف نفسه العناء وأحضر لي وحشا لحراستي!
استقل هذا الحارس المقعد الأمامي بعد أن لوح بيده لآخرين ليتبعوا سيارتي التوى ثغري في تهكم وأنا أحدث نفسي
ألا يثق بي!
استدرت برأسي نحو النافذة وحملقت في الفراغ متابعة حديث نفسي
وأنا مثله لا أثق به على الإطلاق.
توقعت أن تعود بي السيارة إلى القصر المعزول لكن لدهشتي اتجهت إلى حيث أرقى المناطق بالمدينة تلك التي لا يسكنها إلا الأكثر ثراء على الإطلاق شعرت بتباطؤ السرعة وهي تقترب من إحدى الكتل المعمارية المكونة من أبراج شاهقة ناطحات سحاب على وجه التحديد تبدو كأنها صنعت من الزجاج فقط لا يمكن لأقدام البشر أن تطأها بسبب فخامتها المهيبة. توقفت السيارة عند مدخل واحدة من هذه الناطحات العملاقة فأرجعت رأسي للخلف محاولة رؤية نهايتها فلم أتمكن انعكس الانبهار

على محياي ونطق لساني بغير صوت
يا إلهي كيف يكون المنظر من الأعلى
تنبهت للحارس وهو يخاطبني في رسمية
تفضلي من هنا.
ضممت شفتي معا وخرجت من السيارة لأسير على الرخام اللامع بخطوات ثابتة تجاه الاستقبال ومن ورائي فريق من الحراسة الخاصة لمحت من طرف عيني العيون الفضولية المتطلعة إلي كنت أرتجف من الداخل بالرغم من جدية ملامحي لكني لا أحب أن أكون محط الأنظار أبدا .. هناك بالداخل تم الترحيب بي باحترام شديد وكأني واحدة من زعماء الدول القادمين في زيارة رسمية. تعجبت من هذا الاهتمام المبالغ فيه ومشيت مع الموظف الذي راح يشرح لي في عبارات موجزة عن مهامه المنوط بها معي إلى أن وصلت للمصعد اختتم حديثه قائلا بلباقة
سيدتي إن احتجت لأي شيء فقط ارفعي سماعة الهاتف واضغطي على الرقم صفر.
ابتسمت في لطافة هاتفة
شكرا.
لم أفهم سبب إحضار فيجو لي هنا في هذا المكان الغريب وبطبيعة الحال لم أتوقع أن انتقل للإقامة في واحدة من هذه المناطق العامرة بالحركة نظرا لظروف عمله المحفوفة بكل ما هو خطېر ومهدد. توقف المصعد عن الحركة في المنتصف تقريبا كنت أشعر باضطراب أنفاسي حتما إن حاولت النظر من النافذة فقد يطيح الدوار برأسي. حين خطوت في الممر رأيت كيف يبدو كل شيء بالخارج ضئيلا للغاية خلال نظراتي الخاطفة عبر الحوائط الزجاجية الممتد إلى حيث يتواجد باب منزلي. توقفت عندما تسمر الحارس في مكانه ليخبرني
ستجدين كل ما تحتاجين إليه متوفرا بالداخل...
تقدمت للأمام لأتخطى عتبة الباب فتابع من ورائي
وستأتي الخادمة بعد قليل للمكوث معك سيدتي.
هززت رأسي في تفهم وقلت باقتضاب
شكرا.
محبسي الجديد!
تأملته بتدقيق بعد أن انصرف الحارس الضخم لأجد ما تم وضعه من أثاث حديث يتخذ اللون الأسود تساءلت في تعجب ويدي تمسح على جلد الأريكة
لماذا يفضل رجال العصاپات اللون الداكن دوما هل محظور عليهم استخدام أي لون آخر هل سيتعارض مع طبيعتهم الۏحشية أم ينتقص من قدرتهم القتالية
تجولت في البهو واقتربت من الحائط الزجاجي كان المنظر مهيبا ومخيفا في نفس
 

37  38  39 

انت في الصفحة 38 من 60 صفحات